تقرير سنوي: الفلسطينيون يودعون عام 2009 بين الاحباط وبصيص امل

BJT 09:44 27-12-2009
 

غزة 25 ديسمبر 2009 (شينخوا) يودع الفلسطينيون عام 2009 كحدث فارق لما حمله من إحباط وتراجع في مساعيهم لإقامة دولتهم المستقلة ونيل حق تقرير مصيرهم واستقلالهم واستمرار تشرذم وضعهم الداخلي نتيجة الخلاف السياسي بين حركتي ((فتح)) و((حماس)).

ووسط هذه الانتكاسات، التي تتضمن ايضا استمرار تعثر مفاوضات السلام مع إسرائيل والمعاناة الناجمة عن حرب إسرائيل المدمرة على قطاع غزة وفشل المساعي المصرية والعربية المكثفة لتطويق الخلاف الداخلي، ظهر بصيص امل حينما نجحت حركة فتح في عقد أول مؤتمر عام لها منذ عشرين عاما.

أسوأ الأعوام في التاريخ الحديث:

يصف مصطفى البرغوثي، أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية، عام 2009 بأنه يعد من أسوأ الأعوام في التاريخ الحديث للشعب الفلسطيني, مشيرا الى الحاجة لتقييم شامل لما حمله هذا العام والأعوام الماضية من سلبيات أدت في محصلتها لتراجع القضية الفلسطينية والتطلعات لتحقيق هدف إقامة الدولة.

الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة:

شنت إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة في الفترة من 27 ديسمبر 2008 إلى 18 يناير 2009 بهدف معلن وهو وقف اطلاق الصواريخ على اراضيها من قطاع غزة. وقد خلفت الحرب أكثر من 1400 قتيل فلسطيني ونحو خمسة آلاف جريح آخرين وتدمير هائل في المنازل السكنية والمقرات والبنية التحتية لقطاع غزة.

ورغم الهدوء النسبي الذي يسود قطاع غزة منذ انتهاء غبار الحرب إلا ان إعادة اعمار القطاع المدمر ظلت عالقة بسبب الحصار الإسرائيلي على الرغم من التعهدات الدولية بمنح مالية لدفع اعادة الاعمار.

وفي هذا الصدد يقول الدكتور ناجي شراب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة، إن الحرب الإسرائيلية على غزة "تركت تداعيات وخسائر غير مسبوقة" خصوصا تعميق تكريس القطيعة بين طرفي الخلاف في ظل المزاعم عن حرب إسرائيلية بالوكالة على القطاع والجهة الحاكمة فيه.

الحوار الوطني الفلسطيني:

على الرغم من الجهود المضنية التي قامت بها مصر بدعم عربي سعيا للوصول إلى مصالحة وإنهاء الانقسام الداخلي، وصل الحوار الوطني الفلسطيني بعد ست جولات متتالية إلى طريق مسدود.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي من رام الله هاني المصري إن استمرار فشل الحوار يعود لعدم جاهزية الأطراف المتصارعة حتى اللحظة لطي الخلاف ووضع اعتبار المصلحة الفلسطينية فوق كل اعتبار.

ويجمع المراقبون الفلسطينيون على ما يشكله الانقسام من "انتكاسة" في ظل سياسيتين متناقضتين لكل من السلطة الفلسطينية تحت هيمنة فتح وحكم حماس في غزة.

المفاوضات مع إسرائيل:

أقر الفلسطينيون مع نهاية هذا العام بفشل مسيرة مفاوضات السلام مع إسرائيل متهمين إياها باستمرار التنكر للحقوق الفلسطينية ومحاربة حل الدولتين لمنع إقامة الدولة الفلسطينية وتمكينهم من حق تقرير المصير.

ولم تجر السلطة أية مفاوضات مع إسرائيل منذ وصول الحكومة الإسرائيلية بزعامة بنيامين نتنياهو إلى الحكم في مارس مشترطة وقف الاستيطان والالتزام بحل الدولتين الأمر الذي ترفضه تل أبيب.

وفشلت مساعي أمريكية في جسر الهوة في الموقفين، ما دفع السلطة الفلسطينية إلى البحث عن خيارات بديلة أبرزها التوجه إلى مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرارا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 المحتلة، الأمر الذي قوبل بانتقادات إسرائيلية ومعارضة أمريكية أوروبية.

ويقول البرغوثي إن استمرار فشل المفاوضات قدم نتيجة مسبقة بانهيار المفاوضات الثنائية وفشل برنامج يقوم على التسوية دون البحث عن خيارات أخرى.

وشدد البرغوثي على أن هذا الوضع يفتح الباب واسعا أمام البحث عن خيارات فلسطينية أخرى في مقدمتها خيار المقاومة الشعبية وتجنيد الدعم الدولي لصالح القضية الفلسطينية.

ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل لا تريد التوصل الى حل واجراء مفاوضات جديدة بشأن ملفات الصراع النهائي. وهذه الملفات هي وضع القدس وعودة اللاجئين الفلسطينيين والأمن والحدود إلى جانب المياه والاستيطان.

ويقول المصري إن المفاوضات الثنائية مع إسرائيل من أجل السلام انتهت كما انتهي الرهان على الراعي الأمريكي الذي كشف عجزه في الضغط على إسرائيل وإلزامها باستحقاقات السلام.

وأكد أن ذلك يولد مرحلة جديدة بأن تعود الأمور إلى طبيعتها عبر بحث الشعب الفلسطيني عن خيارات جديدة لأوراق القوة في مقدمتها المقاومة الشعبية لبلورة إستراتيجية جديدة أساسها التوحد الفلسطيني واستعادة البعد العربي والدولي لصالح القضية الفلسطينية.

فراغ دستوري:

بعد إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس عزمه عدم الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة التي كان من المقرر إجراؤها في يناير المقبل, تعبيرا عن حالة الإحباط من عملية السلام, وكذا إعلان لجنة الانتخابات المركزية لاحقا أنها نصحت بإرجاء الاقتراع لرفض حركة حماس إجرائه في قطاع غزة الذي تسيطر عليه، بدت المخاوف من ظهور فراغ سياسي في الاراضي الفلسطينية تتزايد.

ويقلل المحلل السياسي شراب من أهمية الحديث عن فراغ دستوري جراء تعذر إجراء الانتخابات , مؤكدا أن الانتخابات "ستأتي حتما في وقت لاحق".

أما البرغوثي ، وهو ايضا نائب فلسطيني، فيؤكد أن الوضع الفلسطيني سيستمر على حاله بدستورية المجلس التشريعي لحين انتخاب مجلس جديد وكذلك في حالة الرئاسة, مشددا على مطلب الانتخابات كاستحقاق دستوري "لكن شرط أن تتم بتوافق وطني".

وشدد البرغوثي على أنه لا يجوز استمرار اخذ الشعب الفلسطيني كرهينة، وانه يتعين وقف الصراع الداخلي باتجاه الحل الديمقراطي وإجراء الانتخابات.

بصيص امل اثر مؤتمر فتح:

شعر الشعب الفلسطيني ببصيص امل بعد ان نجحت حركة فتح، بزعامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في عقد أول مؤتمر عام لها منذ عشرين عاما. وهذا هو المؤتمر السادس للحركة وقد عقد لأول مرة في أرض فلسطينية في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية, حيث مزج بين الجيلين القديم والشاب.

ويرى المصري أن مؤتمر فتح قدم رسالة نادرة للفلسطينيين تقضي بإمكانية تحقيق الإصلاح داخل التنظيم والمؤسسة وتحقيق انطلاقة جديدة شرط أن يتم ذلك برغبة وإرادة حقيقية, مشيرا الى أن مؤتمر فتح مثل نقطة تحول تاريخية للحركة بعد سلسلة من الأزمات والإخفاقات الداخلية والخارجية.

وقد تلي مؤتمر فتح السادس، الذي عزز مكانة الرئيس عباس كقائد عام للحركة والمؤسسات التي تهيمن عليها، خطوات لترميم منظمة التحرير عبر ملء ستة شواغر في اللجنة التنفيذية للمنظمة بالاختلاط بين التعيين والانتخاب سعيا للحفاظ على وضع المنظمة القانوني وتفعيل مكانتها.

ويقول المصري إن ملء شواغر اللجنة التنفيذية خطوة إيجابية وفي الطريق الصحيح لكنها غير كافية كون أن المنظمة بحاجة لإعادة بناء وتفعيل كاملين بما يضمن مشاركة كافة الفصائل بما فيها حركتي فتح وحماس في إطارها لتكون الممثل الفعلي للشعب الفلسطيني. /نهاية الخبر/