تقرير سنوي: نظرة على تحديات كبرى شهدها عام 2009

BJT 09:34 27-12-2009
 

بكين 26 ديسمبر 2009 (شينخوا) لا يعد الفقر والعنف والامراض والاحترار العالمي والكوارث الطبيعية من التحديات غير الشائعة التي تواجه الجنس البشري. بيد ان بعضها اتخذ شكلا جديدا في عام 2009.

ازمة غذائية وشيكة:

تظهر احصائيات منظمة الامم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي ان 1.02 مليار نسمة، بزيادة 100 مليون نسمة مقارنة بالعام المنقضي، يعانون من الجوع وسوء التغذية.

ويسبب هذا الوضع عدم ارتياح لزعماء العالم الذين تعهدوا عام 2000 من خلال اهداف التنمية للالفية بخفض عدد الفقراء الى النصف بحلول عام 2015.

وفي هذا السياق قال جاك ضيوف، المدير العام للفاو، ان العالم في حاجة ملحة الى توافق واسع النطاق بشأن الازمة الغذائية التي تعتبر تسونامي صامتا يواجه الجنس البشري.

حتى ان ضيوف والامين العام للامم المتحدة بان كي - مون اضربا عن الطعام لمدة 24 ساعة قبيل قمة روما لامن الغذاء والتي عقدت في نوفمبر 2009 بهدف جذب انتباه العالم لقضية امن الغذاء.

وعلى الرغم من ان زعماء العالم اقروا في قمة روما بان الوضع غير مقبول، اخفقوا في تحديد مواعيد ثابتة للقضاء كلية على الجوع في العالم، كما رفضوا التعهد بتمويلات كان من شأنها ان تضاعف انتاج الغذاء بحلول عام 2025.

وقد شهد العقد الاول من القرن الـ 21 زيادة في انتاج الغذاء العالمي، ولكن وقع مزيد من الناس تحت خط الفقر ايضا.

وذكرت الفاو ان الاستثمارات غير الكافية في مجال الزراعة، ولاسيما في العالم النامي، سبب رئيسي من اسباب اضطراب امن الغذاء في العالم.

استمرار التهديدات الامنية:

لم تندلع صراعات كبرى او حروب جديدة في عام 2009. غير ان التهديدات الامنية تواصلت.

وبينما تعلقت المفاوضات بشأن عملية السلام في الشرق الاوسط والقضايا النووية الخاصة بشبه الجزيرة الكورية وايران، ظلت الهجمات الارهابية - ومن بينها التفجيرات الانتحارية والتفجيرات المتزامنة - قائمة في مناطق تمزقها الحروب مثل افغانستان والعراق.

وعلى الرغم من ان روسيا والولايات المتحدة اتفقتا على صياغة اتفاقية جديدة بشأن مزيد من خفض الاسلحة النووية لتحل محل معاهدة خفض الاسلحة الاستراتيجية التي انتهت في 5 ديسمبر الجاري، تأجلت المفاوضات الخاصة بتفاصيل المعاهدة الجديدة.

وفي خليج عدن واصل القراصنة الصوماليون عمليات اختطاف السفن بشكل قوي. ووسعوا نطاق انشطتهم حتى انهم ادرجوا انفسهم في بورصات كشركات ملاحة لجني مزيد من الارباح.

واذا شعر الناس بعدم الارتياح عندما يعرفون ان 70 مجموعة من القراصنة سجلوا انفسهم في بورصات كشركات ملاحة بحرية، فربما يشعرون بالسخط تجاه المذبحة البربرية التي وقعت في مقاطعة ماغوينداناو بجنوب الفلبين في نوفمبر. ففي هذه المذبحة لقي 57 من الصحفيين والمحامين ومؤيدي احد الساسة المحليين مصرعهم اثر تعرضهم لاطلاق نار في كمين نصب لهم.

وهذه الوحشية القت الضوء على العداء الطويل والمعقد بين القبائل المحلية في الفلبين، ويخشى ان تعاني الحياة السياسية والاجتماعية في هذا الارخبيل طويلا بسبب هذا العداء.

واذا نظر الناس قليلا ناحية الغرب على خريطة العالم فربما يشعرون بارتياح حيث انتهت الحرب الاهلية التي استمرت 30 عاما في سريلانكا في مايو المنقضي اثر هزيمة متمردي نمور التاميل.

ومع ذلك تجدر الاشارة الى ان السلام في هذا البلد تحقق على جثث ما يزيد على 70 الف شخص في العقود الماضية. وفي الاشهر الخمسة الاولى من هذا العام وحده لقي نحو 6500 مدني مصرعهم نتيجة للاشتباكات بين القوات الحكومية والمتمردين.

انفلونزا جديدة تنتشر بسرعة خطيرة:

بعد ظهور "انفلونز الطيور" فى حياتنا اليومية، كما فعل فيروس سارس قبل عدة سنوات، تم اكتشاف سلالة جديدة من الفيروسات يطلق عليها رسميا ايه /اتش1 ان1 فى مكسيكو سيتى فى ابريل المنقضي. وانتشر الفيروس فى الأيام الأولى بعد ظهوره بشكل سريع وافادت التقارير انه أودى بحياة ما يتجاوز 100 شخص فى المكسيك وحدها حتى أواخر ابريل.

وبعد وقت قصير، بدأ الفيروس زيارة أجزاء أخرى من العالم، ما دفع منظمة الصحة العالمية الى رفع مستوى تحذيرها منه الى المستوى السادس - اعلى مستويات الخطر - والى الاعلان رسميا عن تحول انفلونزا ايه /اتش1 ان1 واسعة الانتشار الى وباء عالمي.

وشكل تفشي الفيروس تحديات خطيرة امام أنظمة الصحة العامة فى العالم، حيث أدى الى اغلاق عدد كبير من المدارس وزحام شديد فى المستشفيات، كما تسبب في نقص اللقاحات وحتى الأقنعة.

وفى آخر تقرير لها، أكدت منظمة الصحة العالمية أن اجمالى عدد الوفيات وصل الى 10582 بحلول 13 ديسمبر، وذلك لا يتضمن الحالات التي لم يتم الابلاغ عنها.

ودق انتشار انفلونزا ايه /اتش1ان1 مرة أخرى ناقوس تحذير للصحة العامة فى أنحاء العالم.

التغير المناخى يستمر بدون رقابة:

أحيانا ما يشار الى عام 2009 على انه "عام التغير المناخى"، حيث وضعت الكوارث الطبيعية الفتاكة التى تسبب فيها الاحترار العالمى وسلسلة من الاجتماعات العالمية هذه القضية تحت بؤرة الضوء.

وبدأت دول العالم فى اعتبار الاحترار العالمى أحد أكبر التهديدات التي تواجه حياتنا.

وفى مارس، أطفأ كثير من الناس فى جميع أجزاء العالم أضوائهم لمدة ساعة بهدف تعزيز الوعى العام بنقص الطاقة والمشكلات البيئية. وفى الحدث الذي يشتهر بـ"ساعة الأرض"، أطفأت المنشآت الرئيسية في العالم مثل استاد عش الطائر فى بكين وبرج ايفيل فى باريس وقصر باكنغهام فى لندن أنوارها لمدة ساعة.

وعقد الوزراء فى جزر المالديف اجتماعا وزاريا على عمق ستة أمتار تحت سطح الماء فى المحيط الهندى فى أكتوبر للتعبير عن قلقهم من خطر غرق بلدهم بشكل تام نتيجة لتغير المناخ.

وعقدت نبيال، التى تتعرض لخطر ملح نتيجة لذوبان الثلوج، اجتماعا فى ديسمبر على ارتفاع 5242 مترا فوق سطح البحر على جبال الهيمالايا ، وهو الاجتماع الأعلى ارتفاعا فى العالم.

واجتمع نحو 15 ألف مبعوث مما يزيد على 190 دولة فى العاصمة الدنماركية كوبنهاغن فى نهاية العام لحضور مؤتمر أممى حول التغير المناخى، فى محاولة للتوصل الى اتفاق ما بعد عام 2012 بشأن القضية.

ولكن القمة التى استمرت أسبوعين اختتمت باتفاق غير ملزم وصفه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون بأنه "مجرد بداية" لعملية صياغة اتفاق ملزم من أجل خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى.

ولكن تضافرت معظم الدول على الأقل، على الرغم من الانقسامات ، من أجل انقاذ كرة الأرض.

دعوات للمستقبل

طرح الأستاذ الجامعي ستيفن هوكينغ سؤالا بموقع على الانترنت قال فيه "كيف يعيش البشرى لمائة عام اخرى فى عالم تسوده الفوضى سياسيا واجتماعيا وبيئيا ؟"، وجمع عشرات الآلاف من الاجابات من العالم فى غضون شهر واحد.

وردا على سؤاله قال العالم البارز نفسه إنه عجز عن ايجاد اجابة، "ربما سيبقى السؤال دون اجابة لبعض الوقت."

ونتمنى أن يتأمل ويصغى ويتواصل الناس مع بعضهم البعض فى مساعيهم للبحث عن اجابة، كى يتخذوا خيارات صحيحة ويتصروفوا بشكل عقلاني. وتكمن اجابة سؤال العالم هوكينغ فى تصرفاتنا.