تقرير خاص: "روائع آثار المملكة عبر العصور"... معرض يفتح نافذة على الحضارة السعودية أمام الصينيين
BJT 10:55 03-01-2017
بكين 30 ديسمبر 2016 (شينخوا) كيف تواجدت منتجات خزفية صينية في منطقة صحراوية بالمملكة العربية السعودية؟ وكيف تواجدت رموز فرعونية مصرية على أوعية فخارية اكتشفت على إحدى الطرق التي كانت تسلكها القوافل التجارية العربية في قديم الزمان؟ الإجابة يقدمها معرض سعودي للآثار يقام في الصين حاليا ليفتح نافذة يطل منها الجمهور الصيني على ما تحظى به المملكة من تاريخ عريق وموروث ثقافي وافر.
"روائع آثار المملكة عبر العصور"... معرض يفتح نافذة على الحضارة السعودية أمام الصينيين
وقد افتتح المعرض الذي جاء تحت عنوان "طريق الجزيرة العربية - روائع آثار المملكة عبر العصور" مؤخرا في المتحف الوطني الصيني بالعاصمة الصينية بكين بحضور وزير الثقافة الصيني لوه شو قانغ والأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني السعودي، ويضم 466 قطعة أثرية نادرة تغطى الفترة الممتدة من العصر الحجرى القديم (مليون سنة قبل الميلاد) إلى العصور القديمة السابقة للإسلام ثم حضارات الممالك العربية المبكرة والوسيطة والمتأخرة مرورا بالفترة الإسلامية والفترة الإسلامية الوسيطة حتى نشأة الدولة السعودية.
ومن بين القطع الأثرية المتنوعة أدوات صخرية يرجع تاريخها إلى ما قبل مليون و300 ألف عام قبل الميلاد وتماثيل بشرية ضخمة (4000 عام قبل الميلاد) وقفاز ذهبي وقناع ذهبي اكتشفا في قبر فتاة ربما تنحدر من عائلة غنية آنذاك (القرن الواحد بعد الميلاد) وصحون رومية وكسرات خزفية صينية بالإضافة إلى رداء وسيف وغيرهما من الممتلكات الشخصية لأول ملك أسس المملكة السعودية (القرن الـ20).
وتحمل العديد من الآثار المعروضة أهمية استثنائية وساهمت في تحديث سجلات التاريخ العالمية، فعلى سبيل المثال، يدل حصان صخري (يرجع إلى 8000 عام قبل الميلاد) عثر عليه في موقع أثري بالمملكة يدل على أن تاريخ تدريب الإنسان للخيول وترويضها يرجع إلى 8000 عام قبل الميلاد في شبه الجزيرة العربية خلافا لما كان يعرف بأنه يرجع إلى 3500 عام قبل الميلاد في منطقة آسيا الوسطى.
"روائع آثار المملكة عبر العصور"... معرض يفتح نافذة على الحضارة السعودية أمام الصينيين
ويحظي المعرض باهتمام كبير من الأوساط الصينية حيث أوردت بعض الصحف والقنوات التليفزيونية تقاريرا عنه ويرتاده يوميا مئات الزوار الذين عبروا عن إعجابهم الشديد به لدرجة أن أصوات إعجاب ودهشة بعراقة وروعة الآثار ترددت في بعض الأحيان في أجنحة المعرض حيث قال الطالب الجامعي تشين تونغ لوكالة أنباء ((شينخوا)) أثناء زيارته للمعرض إن "هذه الآثار تطلعنا على أن شبه الجزيرة العربية كانت حاضرة بقوة في الحضارة البشرية منذ قديم الزمان وأن سكانها خلقوا حضارة متقدمة، لم أكن أعرف الكثير عنها من قبل".
جدير بالذكر أن معظم الآثار السعودية المعروضة اكتشفت على طرق تاريخية هامة وهي طرق البخور وطرق الحج. وكانت الجزيرة العربية هي الوحيدة في العالم التى تنتج التوابل واللبان والمر، وهي منتجات كانت تتمتع بإقبال كبير من جانب الأسر الإمبراطورية والنبلاء في بلدان الشرق الأدنى. ومن ثم، تم شق العديد من الطرق الخاصة بنقل اللبان والمر عبر الجزيرة وبدأت القرى والواحات الواقعة على الطرق التجارية تتطور وتزدهر. ومع ظهور الإسلام في القرن الـ7، أصبحت مكة المكرمة والمدينة المنورة أهم مقاصد دينية للمسلمين في أنحاء العالم يسافرون إليهما رغم بعد المسافات. وبدأت طرق الحج تحل محل طرق البخور تدريجيا. وكانت هناك أربعة طرق بارزة للحج فى الجزيرة العربية وأقيمت عليها منشأت مثل محطات ومساجد وأسواق توضح مسار تلك الطرق وتفرعاتها لخدمة الحجاج. وأخذت المناطق الواقعة على هذه الطرق تتطور وتزدهر مع تدفق المسلمين من مصر واليمن وسوريا وإفريقيا وإلى آخره.
وعلاوة على ذلك، يعرض المعرض أيضا العديد من الآثار الاسلامية الهامة، بما فيها إحدى بوابات الكعبة القديمة التي استخدمت خلال الفترة من القرن الـ17 حتى عام 1947 حيث تم تغييرها وإحلال بوابة جديدة محلها. وأتاحت البوابة فرصة قيمة جدا للذين لا يعتنقون الإسلام للتعرف على مكة المكرمة ولمسها عن قرب.
"روائع آثار المملكة عبر العصور"... معرض يفتح نافذة على الحضارة السعودية أمام الصينيين
وفي الواقع، لم يعرف التراث السعودي إلا بعد ستينات القرن الماضي حيث بدأت المملكة تقوم بأعمال تنقيب وحققت إنجازات كثيرة في هذا الصدد خلال السنوات الأخيرة. وجاءت فكرة المعرض في عام 2006 تنفيذا لتوجيه الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز وتقوم على تنظيمه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني السعودية حيث أقيم أول معرض لروائع آثار المملكة في متحف اللوفر بباريس في يوليو 2010. وحتى الآن، جابت هذه الآثار الثمينة، منذ انطلاق معرضها الأول، جابت عشر دول أوروبية وأمريكية وآسيوية وجذبت أكثر من 3 ملايين زائر.
وفي ضوء ما تمتلكه المملكة من تراث وآثار تؤرخ لثقافات قديمة وعظيمة وحضارات متعاقبة على مر العصور، أشار الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز خلال افتتاح المعرض إلى أن أحد أهداف المعرض يكمن في تعريف العالم بتراث المملكة ودورها الرائد في الحضارة الإسلامية.
ويعد هذا المعرض انجازا هاما تم إحرازه عقب قيام الصين والسعودية برفع مستوى علاقاتهما الثنائية إلى شراكة إستراتيجية شاملة في مطلع العام الجاري ويعتبر من أهم المعارض الدولية التي نظمها المتحف الوطني الصيني، وسوف يستمر حتى يوم 19 مارس المقبل وتعد الصين المحطة الأولى من جولة المعرض الآسيوية التي تشمل أيضا اليابان وكوريا الجنوبية.
تحرير:wubuxi | مصدر:Xinhua