فن الطباعة بالألواح المحفورة يبعث الحياة من جديد في قرية تشو تشياو القديمة
BJT 21:55 15-12-2016
توجد في مقاطعة جيانغشي بمحافظة جينشي - قرية قديمة تعود لأكثر من ثمانية قرون تدعى تشو تشاو. اكتسبت القرية شهرة واسعة بسبب عمل سكانها في الطباعة على الألواح المحفورة التي تعد واحدة من الاختراعات العظيمة الأربع في الصين. مراسلتنا إيناس بركانة زارت القرية وأعدت لنا التقرير التالي.
على سهل منبسط شديد الخضرة وأرض رطبة وافرة المياه وتحت جبل يحرسها من كل غريب معتد، تقع قرية تشو تشياو القديمة في مقاطعة جيانغشي. يعود تاريخ القرية لنهاية عهد أسرة يوان وبداية عهد أسرة مينغ الملكيتين أي قبل حوالي ثمانية قرون. اكتسبت شهرتها بصفتها مركزا للطباعة بالألواح المحفورة في المقاطعة، صناعة عرفتها خلال أواسط عهد أسرة مينغ وشهدت أوج ازدهارها في عهد أسرة تشينغ.
فن الطباعة بالألواح المحفورة
القرية كانت عبارة عن دار نشر كبيرة، جميع سكانها يعملون في نقش ألواح الكتب والمخطوطات وطبعها وتغليفها لتصبح في نهاية المطاف كتبا تنمي العقول. وما زالت إلى اليوم رغم مرور ثمانية قرون طوال على نشأتها، تحافظ على جمال أزقتها الضيقة ومنازلها الفاخرة، منازل كبيرة مكونة من غرف عدة، بأسقف عالية من الخشب الجيد وأثاث جميل منمق من الخشب المنقوش. صورة تعكس عيشة الترف التي كان ينعم بها أهلها في الماضي والذين كانوا يصنفون ضمن أعيان المنطقة ونخبتها.
هوانغ شياو مي، مسؤولة في اتحاد النساء ودليلة سياحية سابقة:" يعود تاريخ هذه القرية إلى عهد أسرة مينغ الملكية، وهي قرية متخصصة منذ القدم في تجارة الكتب والطباعة بالألواح المحفورة ونشرها، وتملك العديد من فروع المكاتب في المنطقة. وقد مكنت هذه التجارة القرية وسكانها من حياة مترفة مقارنة بالقرى المجاورة."
تحويل الكتاب من مخطوط إلى مطبوعة ليس بالعمل الهين، فهي عملية معقدة تبدأ باختيار لوح الخشب المناسب يكون منبسطا ومرنا نسبيا قابلا للحفر، من ثم يقوم النقاش برسم الرموز فوق قطعة الخشب ويحدد الأماكن البارزة والغائرة في الرسم. يثبت لاحقا اللوحة على قاعدة ثابتة ويبدأ باستعمال المطرقة والإزميل ويرسم حدود الشكل بالمشرط أو إزميل الحفر، إذا كان الشكل بارزا يرسم الخطوط الخارجية للشكل، وفي حال كان الشكل النهائي غائرا يرسم حدود الشكل من الداخل بطريقة مائلة.
تبدأ عملية الحفر بكل دقة وتأن مع مراعاة العمق المطلوب بعد ذلك تأتي مرحلة التنعيم بواسطة المبارد وروق الصنفرة ثم تدهن بطبقة زيتية للتلميع.
عملية بطيئة تتطلب دقة كبيرة في التعامل مع معدات الحفر والنقش وحسا فنيا مرهفا فضلا عن قدرات عالية من الخيال الواسع، وخفة يد، ودقة في البصر، مع توازن بين عمل العقل والعين واليد.
بعد الانتهاء من الحفر والتلميع، تأتي عملية الطبع حيث تدهن اللوحة بالحبر وتوضع فوقها الورقة الواحدة تلو الأخرى بحذر شديد لنحصل في النهاية على كتاب كامل يغلف يدويا بالخيط والإبرة ويرصف لاحقا في رفوف المكتبات.
وو تشوان هوي، مدير مكتب الدعاية الثقافية بمحافظة جينشي:" تنقسم عملية الطباعة على اللوح المحفور إلى خمس مراحل. أولا إعداد اللوح وثانيا كتابة الرموز عليها وثالثا حفرها ورابعا استعمالها للطبع وأخيرا تجميع الكتب وبالخيط والإبرة."
اليوم ومع تطور صناعة الطباعة وعدم الحاجة لألواح الخشب المحفور، أصبحت خصوصية القرية عنصر جذب للسياح المحليين والأجانب وكل راغب في التعرف على واحدة من الاختراعات الأربع العظيمة في الصين. حيث صارت تقيم احتفالات موسمية تعرض خلالها الكثير من الأنشطة المحلية من صنع الشعيرية الدقيقة إلى صنع الحلوى وكذلك أنشطة التبرك والصلاة لأجداد القرية لحمايتهم من الشرور ومدهم بالخير والبركة.
(كلام إيناس بركانة، مراسلة تلفزيون الصين المركزي، بالعربية)
تحرير:yangmu | مصدر:CCTV.com